الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

اَلْفَصْلُ ٱلسَّادِسَ عَشَرَ

تصرفتْ بحكمة وشجاعة وعدم انانية

تصرفتْ بحكمة وشجاعة وعدم انانية

١-‏٣ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ شَعَرَتْ أَسْتِيرُ وَهِيَ تَدْنُو مِنْ عَرْشِ زَوْجِهَا؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ ٱلْمَلِكِ حِيَالَ زِيَارَةِ أَسْتِيرَ؟‏

دَنَتْ أَسْتِيرُ مِنَ ٱلْعَرْشِ خُطْوَةً فَخُطْوَةً وَدَقَّاتُ قَلْبِهَا تَتَسَارَعُ.‏ يُخَيِّمُ اَلسُّكُونُ عَلَى ٱلْقَاعَةِ ٱلْمَلَكِيَّةِ ٱلضَّخْمَةِ دَاخِلَ ٱلْقَصْرِ ٱلْفَارِسِيِّ فِي شُوشَنَ،‏ سُكُونٌ عَمِيقٌ إِلَى حَدٍّ تَسْمَعُ مَعَهُ أَسْتِيرُ وَقْعَ خُطُوَاتِهَا ٱلنَّاعِمَةِ وَحَفِيفَ حُلَّتِهَا ٱلْمَلَكِيَّةِ.‏ لَا بُدَّ أَنَّهَا حَرِصَتْ فِي تِلْكَ ٱللَّحَظَاتِ ٱلْحَرِجَةِ أَلَّا تَتَلَهَّى بِأُبَّهَةِ ٱلْبَلَاطِ ٱلْمَلَكِيِّ،‏ أَوْ بِأَعْمِدَتِهِ ٱلْمَهِيبَةِ،‏ أَوْ بِٱلنُّقُوشِ ٱلْكَثِيرَةِ ٱلَّتِي تُزَخْرِفُ سَقْفَهُ ٱلْمَصْنُوعَ مِنْ أَرْزِ لُبْنَانَ.‏ فَكُلُّ ٱنْتِبَاهِهَا مُنْصَبٌّ عَلَى ذَاكَ ٱلرَّجُلِ ٱلْجَالِسِ عَلَى كُرْسِيِّ ٱلْمُلْكِ،‏ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي حَيَاتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ.‏

٢ أَمَّا هُوَ فَرَاحَ يُمْعِنُ ٱلنَّظَرَ فِيهَا وَهِيَ تَقْتَرِبُ،‏ مَادًّا لَهَا صَوْلَجَانَهُ ٱلذَّهَبِيَّ.‏ إِنَّ هٰذِهِ ٱلْإِيمَاءَةَ عَلَى بَسَاطَتِهَا عَمِيقَةُ ٱلْمَغْزَى.‏ فَهِيَ تَعْنِي أَنَّ ٱلْمَلِكَ ٱسْتَحْيَاهَا صَافِحًا عَنْ ذَنْبٍ ٱرْتَكَبَتْهُ لِلتَّوِّ،‏ أَلَا وَهُوَ ٱلْمُثُولُ أَمَامَهُ دُونَ دَعْوَةٍ مَلَكِيَّةٍ.‏ وَفِيمَا هِيَ تَتَقَدَّمُ نَحْوَ ٱلْعَرْشِ،‏ تَمُدُّ يَدَهَا وَتَلْمُسُ رَأْسَ ٱلصَّوْلَجَانِ بِكُلِّ ٱمْتِنَانٍ.‏ —‏ اس ٥:‏​١،‏ ٢‏.‏

شَكَرَتْ أَسْتِيرُ ٱلْمَلِكَ بِتَوَاضُعٍ عَلَى إِظْهَارِهِ ٱلرَّحْمَةَ

٣ كُلُّ مَا يَخُصُّ ٱلْمَلِكَ يَنْطِقُ بِٱلْعَظَمَةِ وَٱلْقُوَّةِ وَٱلْغِنَى.‏ فَٱلْحُلَّةُ ٱلْمَلَكِيَّةُ ٱلَّتِي تَسَرْبَلَ بِهَا ٱلْحُكَّامُ ٱلْفُرْسُ فِي تِلْكَ ٱلْأَزْمِنَةِ كَلَّفَتْ،‏ بِحَسَبِ ٱعْتِقَادِ ٱلْعُلَمَاءِ،‏ مَا يُعَادِلُ ٱلْيَوْمَ مِئَاتِ مَلَايِينِ ٱلدُّولَارَاتِ.‏ رَغْمَ كُلِّ ذٰلِكَ،‏ ٱسْتَشَفَّتْ أَسْتِيرُ دِفْئًا فِي نَظَرَاتِ زَوْجِهَا.‏ فَهُوَ يُكِنُّ لَهَا ٱلْحُبَّ وَلَوْ عَلَى طَرِيقَتِهِ ٱلْخَاصَّةِ.‏ قَالَ لَهَا:‏ «مَا لَكِ يَا أَسْتِيرُ ٱلْمَلِكَةُ،‏ وَمَا سُؤْلُكِ؟‏ وَلَوْ كَانَ نِصْفَ ٱلْمَمْلَكَةِ،‏ فَإِنَّهُ يُعْطَى لَكِ!‏».‏ —‏ اس ٥:‏٣‏.‏

٤ أَيَّةُ تَحَدِّيَاتٍ كَانَتْ تَكْمُنُ أَمَامَ أَسْتِيرَ؟‏

٤ لَقَدْ بَرْهَنَتْ أَسْتِيرُ عَنْ إِيمَانِهَا وَشَجَاعَتِهَا بِمُجَرَّدِ مَجِيئِهَا إِلَى ٱلْمَلِكِ لِتَحْمِيَ شَعْبَهَا مِنَ ٱلْمَكِيدَةِ ٱلْهَادِفَةِ إِلَى إِبَادَتِهِمْ.‏ وَقَدْ حَالَفَهَا ٱلنَّجَاحُ حَتَّى تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ.‏ غَيْرَ أَنَّ تَحَدَّيَاتٍ أَكْبَرَ كَانَتْ تَكْمُنُ أَمَامَهَا.‏ فَعَلَيْهَا أَنْ تُقْنِعَ هٰذَا ٱلْحَاكِمَ ٱلْمُتَشَامِخَ بِأَنَّ مُشِيرَهُ ٱلْمَوْثُوقَ بِهِ مَا هُوَ إِلَّا رَجُلٌ شِرِّيرٌ مُخَادِعٌ جَرَّهُ إِلَى إِنْزَالِ حُكْمِ ٱلْمَوْتِ بِشَعْبِهَا.‏ فَهَلْ تَتَوَفَّقُ فِي مَسْعَاهَا؟‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ إِيمَانِهَا؟‏

اِخْتَارَتْ بِحِكْمَةٍ ‹ٱلْوَقْتَ لِلتَّكَلُّمِ›‏

٥،‏ ٦ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ طَبَّقَتْ أَسْتِيرُ ٱلْمَبْدَأَ فِي ٱلْجَامِعَة ٣:‏​١،‏ ٧‏؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ أَعْرَبَتْ أَسْتِيرُ عَنِ ٱلْحِكْمَةِ؟‏

٥ هَلْ كَانَ مِنَ ٱلْمُنَاسِبِ أَنْ تَطْرَحَ أَسْتِيرُ ٱلْمُشْكِلَةَ عَلَى ٱلْمَلِكِ أَمَامَ جَمِيعِ ٱلْحَاضِرِينَ فِي ٱلْبَلَاطِ ٱلْمَلَكِيِّ؟‏ لَوْ فَعَلَتْ ذٰلِكَ،‏ لَرُبَّمَا أَهَانَتْهُ بِتَصَرُّفِهَا وَمَنَحَتْ مُشِيرَهُ هَامَانَ ٱلْوَقْتَ أَنْ يَدْحَضَ ٱلتُّهَمَ.‏ فَمَاذَا فَعَلَتْ إِذًا؟‏ قَبْلَ قُرُونٍ،‏ كَتَبَ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَكِيمُ سُلَيْمَانُ بِٱلْوَحْيِ:‏ «لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ مُعَيَّنٌ،‏ .‏ .‏ .‏ لِلصَّمْتِ وَقْتٌ،‏ وَلِلتَّكَلُّمِ وَقْتٌ».‏ (‏جا ٣:‏​١،‏ ٧‏)‏ وَلَا بُدَّ أَنَّ أَسْتِيرَ تَعَلَّمَتْ مَبَادِئَ كَهٰذِهِ وَهِيَ تَكْبُرُ فِي كَنَفِ أَبِيهَا بِٱلتَّبَنِّي،‏ ٱلرَّجُلِ ٱلْأَمِينِ مُرْدَخَايَ.‏ فَبَاتَتْ تُدْرِكُ دُونَ شَكٍّ أَهَمِّيَّةَ ٱخْتِيَارِ ‹ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ لِلتَّكَلُّمِ›.‏

٦ قَالَتْ:‏ «إِنْ حَسُنَ عِنْدَ ٱلْمَلِكِ،‏ فَلْيَأْتِ ٱلْمَلِكُ وَهَامَانُ ٱلْيَوْمَ إِلَى ٱلْمَأْدُبَةِ ٱلَّتِي أَقَمْتُهَا لَهُ».‏ (‏اس ٥:‏٤‏)‏ فَنَزَلَ ٱلْمَلِكُ عِنْدَ رَغْبَتِهَا وَٱسْتَدْعَى هَامَانَ.‏ هَلْ تَرَى كَمِ ٱتَّصَفَتْ أَسْتِيرُ بِٱلْحِكْمَةِ؟‏ لَقَدْ حَافَظَتْ عَلَى كَرَامَةِ زَوْجِهَا وَرَتَّبَتْ أَنْ تَكْشِفَ لَهُ عَنْ هَوَاجِسِهَا فِي مُنَاسَبَةٍ مُؤَاتِيَةٍ أُخْرَى.‏ —‏ اقرإ الامثال ١٠:‏١٩‏.‏

٧،‏ ٨ كَيْفَ كَانَتِ ٱلْمَأْدُبَةُ ٱلْأُولَى ٱلَّتِي أَعَدَّتْهَا أَسْتِيرُ،‏ وَلِمَ أَرْجَأَتِ ٱلْإِفْصَاحَ عَمَّا فِي قَلْبِهَا؟‏

٧ لَا رَيْبَ أَنَّ أَسْتِيرَ أَعَدَّتْ تِلْكَ ٱلْوَلِيمَةَ بِعِنَايَةٍ فَائِقَةٍ،‏ وَحَرِصَتْ عَلَى إِرْضَاءِ ذَوْقِ ٱلْمَلِكِ بِأَدَقِّ ٱلتَّفَاصِيلِ.‏ وَلَمْ تَخْلُ مَأْدُبَتُهَا مِنَ ٱلْخَمْرِ ٱلْفَاخِرَةِ ٱلَّتِي تَطِيبُ لَهَا ٱلنَّفْسُ.‏ (‏مز ١٠٤:‏١٥‏)‏ فَقَضَى أَحَشْوِيرُوشُ وَقْتًا مُمْتِعًا،‏ وَسَأَلَهَا مُجَدَّدًا عَنْ طِلْبَتِهَا.‏ فَهَلْ آنَ ٱلْأَوَانُ لِتَتَكَلَّمَ؟‏

٨ رَأَتْ أَسْتِيرُ أَنَّ ٱلْوَقْتَ لَمْ يَحِنْ بَعْدُ.‏ فَدَعَتِ ٱلْمَلِكَ وَهَامَانَ إِلَى مَأْدُبَةٍ ثَانِيَةٍ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي.‏ (‏اس ٥:‏​٧،‏ ٨‏)‏ وَلِمَاذَا أَرْجَأَتِ ٱلْإِفْصَاحَ عَمَّا فِي قَلْبِهَا؟‏ لَا يَغِبْ عَنْ بَالِكَ أَنَّ شَعْبَ أَسْتِيرَ بِرُمَّتِهِ كَانَ يَتَهَدَّدُهُ خَطَرُ ٱلْمَوْتِ بِفِعْلِ مَرْسُومِ ٱلْمَلِكِ.‏ وَنَظَرًا إِلَى هٰذَا ٱلْوَضْعِ ٱلْحَرِجِ لِلْغَايَةِ،‏ لَزِمَ أَنْ تَتَحَيَّنَ ٱلْوَقْتَ ٱلْأَنْسَبَ لِلْكَلَامِ.‏ فَقَرَّرَتِ ٱلِٱنْتِظَارَ،‏ وَهَيَّأَتْ فُرْصَةً أُخْرَى تُبَرْهِنُ مِنْ خِلَالِهَا لِزَوْجِهَا كَمْ تُقَدِّرُهُ وَتَحْتَرِمُهُ.‏

٩ مَا أَهَمِّيَّةُ ٱلصَّبْرِ،‏ وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِ أَسْتِيرَ فِي هٰذَا ٱلْخُصُوصِ؟‏

٩ إِنَّ ٱلصَّبْرَ مَزِيَّةٌ نَادِرَةٌ وَقَيِّمَةٌ.‏ فَرَغْمَ قَلَقِ أَسْتِيرَ ٱلشَّدِيدِ وَرَغْبَتِهَا ٱلْقَوِيَّةِ فِي قَوْلِ مَا عِنْدَهَا،‏ ٱنْتَظَرَتْ بِصَبْرٍ ٱللَّحْظَةَ ٱلْمُؤَاتِيَةَ.‏ فَكَمْ نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِهَا فِي هٰذَا ٱلْخُصُوصِ!‏ فَجَمِيعُنَا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ نَرَى أَخْطَاءً يَلْزَمُ تَصْوِيبُهَا.‏ لِذَا عِنْدَمَا نَسْعَى إِلَى إِقْنَاعِ شَخْصٍ فِي مَرْكَزِ مَسْؤُولِيَّةٍ بِمُعَالَجَةِ مُشْكِلَةٍ مَا،‏ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَكُونَ صَبُورِينَ ٱقْتِدَاءً بِهَا.‏ تَقُولُ ٱلْأَمْثَال ٢٥:‏١٥‏:‏ «بِٱلصَّبْرِ يُسْتَمَالُ صَاحِبُ ٱلْأَمْرِ،‏ وَٱللِّسَانُ ٱللَّيِّنُ يَكْسِرُ ٱلْعَظْمَ».‏ فَإِذَا ٱنْتَظَرْنَا ٱلْوَقْتَ ٱلْمُنَاسِبَ بِصَبْرٍ وَتَكَلَّمْنَا بِلُطْفٍ وَوَدَاعَةٍ،‏ مِثْلَ أَسْتِيرَ،‏ نَتَمَكَّنُ مِنْ تَلْيِينِ ٱلْمَوَاقِفِ ٱلْمُتَصَلِّبَةِ وَٱلْمُعَانِدَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قَاسِيَةً كَٱلْعَظْمِ.‏ وَهَلْ بَارَكَ يَهْوَهُ،‏ إِلٰهُ أَسْتِيرَ،‏ صَبْرَهَا وَحِكْمَتَهَا؟‏

اَلصَّبْرُ يُثْمِرُ

١٠،‏ ١١ لِمَ تَغَيَّرَ مِزَاجُ هَامَانَ بَعْدَمَا غَادَرَ ٱلْمَأْدُبَةَ ٱلْأُولَى،‏ وَعَلَامَ حَثَّتْهُ زَوْجَتُهُ وَأَصْدِقَاؤُهُ؟‏

١٠ مَهَّدَ صَبْرُ أَسْتِيرَ ٱلسَّبِيلَ لِسِلْسِلَةٍ مِنَ ٱلْحَوَادِثِ ٱلْهَامَّةِ.‏ لَقَدْ غَادَرَ هَامَانُ ٱلْمَأْدُبَةَ ٱلْأُولَى «فَرِحًا وَطَيِّبَ ٱلْقَلْبِ» لِأَنَّ ٱلْمَلِكَ وَٱلْمَلِكَةَ خَصَّاهُ بِمُعَامَلَةٍ مُمَيَّزَةٍ.‏ وَفِيمَا هُوَ يَعْبُرُ بَوَّابَةَ ٱلْقَلْعَةِ،‏ وَقَعَ نَظَرُهُ عَلَى مُرْدَخَايَ ٱلْيَهُودِيِّ ٱلَّذِي بَقِيَ رَافِضًا أَنْ يَنْحَنِيَ لَهُ.‏ وَكَمَا لَاحَظْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ،‏ لَمْ يَكُنْ قَصْدُ مُرْدَخَايَ أَنْ يُقَلِّلَ مِنِ ٱحْتِرَامِ هَامَانَ،‏ بَلْ أَرَادَ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى ضَمِيرٍ طَاهِرٍ وَعَلَاقَةٍ جَيِّدَةٍ بِيَهْوَهَ ٱللهِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ تَذْكُرُ ٱلرِّوَايَةُ أَنَّ هَامَانَ «ٱمْتَلَأَ سُخْطًا».‏ —‏ اس ٥:‏٩‏.‏

١١ وَعِنْدَمَا أَخْبَرَ زَوْجَتَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ بِهٰذِهِ ٱلْإِهَانَةِ،‏ حَثُّوهُ أَنْ يُعِدَّ خَشَبَةً ضَخْمَةً طُولُهَا أَكْثَرُ مِنِ ٢٢ م،‏ ثُمَّ يَسْتَأْذِنَ ٱلْمَلِكَ فِي تَعْلِيقِ مُرْدَخَايَ عَلَيْهَا.‏ فَرَحَّبَ بِٱلْفِكْرَةِ وَبَادَرَ فَوْرًا إِلَى تَنْفِيذِهَا.‏ —‏ اس ٥:‏​١٢-‏١٤‏.‏

١٢ لِمَ قُرِئَتْ سِجِلَّاتُ ٱلْمَمْلَكَةِ ٱلرَّسْمِيَّةُ عَلَى ٱلْمَلِكِ،‏ وَلِأَيِّ أَمْرٍ تَيَقَّظَ بَعْدَ سَمَاعِهَا؟‏

١٢ بَعْدَ ٱنْتِهَاءِ ٱلْمَأْدُبَةِ ٱلْأُولَى،‏ أَمْضَى أَحَشْوِيرُوشُ لَيْلَةً غَيْرَ ٱعْتِيَادِيَّةٍ.‏ فَقَدْ ‹طَارَ ٱلنَّوْمُ› مِنْ عَيْنَيْهِ،‏ حَسْبَمَا يُخْبِرُنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ.‏ لِذَا أَمَرَ أَنْ تُقْرَأَ عَلَى مَسْمَعِهِ سِجِلَّاتُ ٱلْمَمْلَكَةِ ٱلرَّسْمِيَّةُ،‏ وَفِيهَا وُجِدَ خَبَرُ ٱلْمَكِيدَةِ ٱلَّتِي دُبِّرَتْ لِٱغْتِيَالِهِ.‏ فَتَذَكَّرَ تِلْكَ ٱلْحَادِثَةَ وَأَنَّ ٱلرَّجُلَيْنِ ٱللَّذَيْنِ تَآمَرَا عَلَيْهِ ٱعْتُقِلَا وَأُعْدِمَا.‏ وَلٰكِنْ مَاذَا صُنِعَ لِمُرْدَخَايَ ٱلَّذِي كَشَفَ ٱلْمُؤَامَرَةَ؟‏ حِينَ تَيَقَّظَ ٱلْمَلِكُ فَجْأَةً لِهٰذِهِ ٱلْفِكْرَةِ ٱلْمُهِمَّةِ،‏ ٱسْتَعْلَمَ كَيْفَ كُوفِئَ مُرْدَخَايُ عَلَى مَعْرُوفِهِ.‏ وَمَاذَا كَانَ ٱلْجَوَابُ؟‏ مَا مِنْ شَيْءٍ أَلْبَتَّةَ عُمِلَ لِهٰذَا ٱلرَّجُلِ.‏ —‏ اقرأ استير ٦:‏​١-‏٣‏.‏

١٣،‏ ١٤ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ بَدَأَتِ ٱلْأُمُورُ تَنْقَلِبُ عَلَى هَامَانَ؟‏ (‏ب)‏ حِينَ أَخْبَرَ هَامَانُ زَوْجَتَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ بِمَا حَدَثَ،‏ مَاذَا قَالُوا لَهُ؟‏

١٣ اِسْتَاءَ أَحَشْوِيرُوشُ وَأَرَادَ تَصْحِيحَ ٱلْخَطَإِ،‏ فَسَأَلَ إِنْ كَانَ هُنَاكَ أَيٌّ مِنَ ٱلرَّسْمِيِّينَ لِمُسَاعَدَتِهِ فِي ذٰلِكَ.‏ وَلٰكِنْ مِنْ بَيْنِهِمْ جَمِيعًا،‏ لَمْ يُوجَدْ فِي ٱلْبَلَاطِ حِينَذَاكَ سِوَى هَامَانَ!‏ فَعَلَى مَا يَظْهَرُ،‏ بَكَّرَ فِي ٱلْمَجِيءِ إِلَى ٱلْمَلِكِ مُتَحَمِّسًا لِٱسْتِئْذَانِهِ فِي إِعْدَامِ مُرْدَخَايَ.‏ وَلٰكِنْ قَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَ بِطَلَبِهِ،‏ سَأَلَهُ ٱلْمَلِكُ عَنِ ٱلْوَسِيلَةِ ٱلْفُضْلَى لِتَكْرِيمِ رَجُلٍ نَالَ ٱسْتِحْسَانَهُ.‏ وَلَمَّا ظَنَّ هَامَانُ أَنَّهُ ٱلْمَقْصُودُ،‏ ٱقْتَرَحَ تَكْرِيمًا فِي غَايَةِ ٱلْعَظَمَةِ:‏ أَنْ يُلْبَسَ ٱلرَّجُلُ لِبَاسًا مَلَكِيًّا،‏ وَيُؤْخَذَ عَلَى ٱلْفَرَسِ ٱلْمَلَكِيِّ فِي مَوْكِبٍ رَسْمِيٍّ ضَخْمٍ فِي أَنْحَاءِ شُوشَنَ،‏ وَيُنَادَى عَلَى كُلِّ ٱلْمَلَإِ بِحَسَنَاتِهِ.‏ وَلٰكِنْ تَخَيَّلْ مَلَامِحَ وَجْهِهِ حِينَ عَلِمَ أَنَّ ٱلْمَقْصُودَ هُوَ مُرْدَخَايُ!‏ وَمَنْ يَا تُرَى عَيَّنَ ٱلْمَلِكُ لِيُشِيدَ بِمَزَايَا هٰذَا ٱلرَّجُلِ؟‏ لَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ!‏ —‏ اس ٦:‏​٤-‏١٠‏.‏

١٤ نَفَّذَ هَامَانُ بِٱمْتِعَاضٍ هٰذِهِ ٱلْمُهِمَّةَ ٱلْبَغِيضَةَ،‏ ثُمَّ أَسْرَعَ إِلَى بَيْتِهِ مَغْمُومًا يَجُرُّ أَذْيَالَ ٱلْخَيْبَةِ.‏ فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ وَأَصْدِقَاؤُهُ إِنَّ مَا حَدَثَ لَا يُنْذِرُ إِلَّا بِٱلشَّرِّ،‏ فَمَعْرَكَتُهُ ضِدَّ مُرْدَخَايَ ٱلْيَهُودِيِّ خَاسِرَةٌ.‏ —‏ اس ٦:‏​١٢،‏ ١٣‏.‏

١٥ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ أَثْمَرَ صَبْرُ أَسْتِيرَ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَنْ نُعْرِبَ عَنْ مَوْقِفِ ‹ٱلِٱنْتِظَارِ›؟‏

١٥ لَقَدْ أَثْمَرَ صَبْرُ أَسْتِيرَ.‏ فَهٰذَا ٱلْيَوْمُ ٱلْإِضَافِيُّ ٱلَّذِي ٱنْتَظَرَتْهُ قَبْلَ أَنْ تُعْلِمَ ٱلْمَلِكَ بِطَلَبِهَا جَعَلَ هَامَانَ يَحْفِرُ قَبْرَهُ بِيَدَيْهِ.‏ أَوَلَيْسَ مُحْتَمَلًا أَيْضًا أَنْ يَكُونَ يَهْوَهُ وَرَاءَ ٱلْأَرَقِ ٱلَّذِي أَصَابَ ٱلْمَلِكَ؟‏ (‏ام ٢١:‏١‏)‏ لَا عَجَبَ إِذًا أَنْ تُشَجِّعَنَا كَلِمَةُ ٱللهِ عَلَى تَبَنِّي مَوْقِفِ ‹ٱلِٱنْتِظَارِ›.‏ ‏(‏اقرأ ميخا ٧:‏٧‏.‏‏)‏ فَحِينَ نَنْتَظِرُ ٱللهَ،‏ نَجِدُ أَنَّ ٱلْحُلُولَ ٱلَّتِي يُهَيِّئُهَا لِمُعَالَجَةِ مَشَاكِلِنَا أَفْضَلُ بِكَثِيرٍ مِنْ أَيَّةِ حُلُولٍ نَبْتَكِرُهَا نَحْنُ.‏

جَاهَرَتْ بِٱلْحَقِّ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ

١٦،‏ ١٧ ‏(‏أ)‏ مَتَى حَانَ ‹ٱلْوَقْتُ لِتَتَكَلَّمَ› أَسْتِيرُ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ ٱخْتَلَفَتْ أَسْتِيرُ عَنْ زَوْجَةِ ٱلْمَلِكِ ٱلسَّابِقَةِ وَشْتِي؟‏

١٦ لَمْ تَجْسُرْ أَسْتِيرُ أَنْ تَسْتَنْفِدَ صَبْرَ ٱلْمَلِكِ.‏ فَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُطْلِعَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي مَأْدُبَتِهَا ٱلثَّانِيَةِ.‏ وَلٰكِنْ كَيْفَ؟‏ كَمَا يَتَبَيَّنُ،‏ أَتَاحَ لَهَا هُوَ نَفْسُهُ هٰذِهِ ٱلْفُرْصَةَ حِينَ سَأَلَهَا مُجَدَّدًا عَنْ طِلْبَتِهَا.‏ (‏اس ٧:‏٢‏)‏ وَهٰكَذَا،‏ حَانَ ‹ٱلْوَقْتُ لِتَتَكَلَّمَ›.‏

١٧ لَعَلَّ أَسْتِيرَ قَدَّمَتْ صَلَاةً صَامِتَةً إِلَى إِلٰهِهَا قَبْلَ أَنْ تَقُولَ لِزَوْجِهَا:‏ «إِنْ نِلْتُ حُظْوَةً فِي عَيْنَيْكَ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ،‏ وَإِنْ حَسُنَ عِنْدَ ٱلْمَلِكِ،‏ فَهَبْ لِي نَفْسِي وَشَعْبِي،‏ هٰذِهِ هِيَ طِلْبَتِي وَهٰذَا هُوَ سُؤْلِي».‏ (‏اس ٧:‏٣‏)‏ لَاحِظْ أَنَّهَا عَبَّرَتْ لِلْمَلِكِ عَنِ ٱحْتِرَامِهَا لِمَا يَرَاهُ صَائِبًا.‏ فَشَتَّانَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ ٱلسَّابِقَةِ وَشْتِي ٱلَّتِي تَعَمَّدَتْ تَحْقِيرَهُ!‏ (‏اس ١:‏​١٠-‏١٢‏)‏ أَضِفْ إِلَى ذٰلِكَ أَنَّهَا لَمْ تَنْتَقِدْهُ عَلَى ثِقَتِهِ ٱلْعَمْيَاءِ بِهَامَانَ،‏ بَلْ تَوَسَّلَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَحْمِيَهَا مِنْ خَطَرٍ مُحْدِقٍ بِهَا.‏

١٨ كَيْفَ طَرَحَتْ أَسْتِيرُ ٱلْمُشْكِلَةَ؟‏

١٨ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلْتِمَاسَ أَسْتِيرَ أَثَارَ دَهْشَةَ ٱلْمَلِكِ.‏ فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يَجْرُؤُ عَلَى تَهْدِيدِ مَلِيكَتِهِ؟‏!‏ تَابَعَتْ أَسْتِيرُ:‏ «إِنَّنَا مَبِيعُونَ أَنَا وَشَعْبِي لِلْإِبَادَةِ وَٱلْقَتْلِ وَٱلْهَلَاكِ.‏ فَلَوْ كُنَّا مَبِيعِينَ عَبِيدًا وَجَوَارِيَ فَقَطْ لَسَكَتُّ.‏ لٰكِنْ لَا يُمْكِنُ ٱلْقُبُولُ بِهٰذِهِ ٱلْمِحْنَةِ لِمَا يُرَافِقُهَا مِنْ ضَرَرٍ بِٱلْمَلِكِ».‏ (‏اس ٧:‏٤‏)‏ لَاحِظْ أَنَّهَا طَرَحَتِ ٱلْمُشْكِلَةَ بِصَرَاحَةٍ،‏ لٰكِنَّهَا أَضَافَتْ أَنَّهَا مَا كَانَتْ لِتُفَاتِحَهُ فِي ٱلْمَسْأَلَةِ لَوِ ٱقْتَصَرَتِ ٱلنَّتِيجَةُ عَلَى عُبُودِيَّتِهَا هِيَ وَشَعْبِهَا.‏ غَيْرَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْإِبَادَةَ تُلْحِقُ بِهِ ضَرَرًا كَبِيرًا لَا يُمْكِنُ ٱلسُّكُوتُ عَنْهُ.‏

١٩ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ أَسْتِيرَ عَنْ فَنِّ ٱلْإِقْنَاعِ؟‏

١٩ يُعَلِّمُنَا مِثَالُ أَسْتِيرَ ٱلْكَثِيرَ عَنْ فَنِّ ٱلْإِقْنَاعِ.‏ فَإِذَا أَرَدْتَ يَوْمًا أَنْ تَعْرِضَ مُشْكِلَةً خَطِيرَةً عَلَى أَحَدِ أَحِبَّائِكَ أَوْ عَلَى شَخْصٍ يَشْغَلُ مَنْصِبًا هَامًّا،‏ يُسَاعِدُكَ ٱلتَّحَلِّي بِٱلصَّبْرِ وَٱلِٱحْتِرَامِ وَٱلصِّدْقِ عَلَى بُلُوغِ مُرَادِكَ.‏ —‏ ام ١٦:‏​٢١،‏ ٢٣‏.‏

٢٠،‏ ٢١ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ شَهَّرَتْ أَسْتِيرُ هَامَانَ،‏ مِمَّا أَثَارَ أَيَّ رَدِّ فِعْلٍ لَدَى ٱلْمَلِكِ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا فَعَلَ هَامَانُ بَعْدَمَا كُشِفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ؟‏

٢٠ سَأَلَ أَحَشْوِيرُوشُ:‏ «مَنْ هُوَ وَأَيْنَ هُوَ ذَاكَ ٱلَّذِي يَتَجَرَّأُ أَنْ يَفْعَلَ هٰكَذَا؟‏».‏ تَخَيَّلْ أَسْتِيرَ تُشِيرُ بِإِصْبَعِهَا قَائِلَةً:‏ «اَلرَّجُلُ ٱلْخَصْمُ وَٱلْعَدُوُّ هُوَ هَامَانُ هٰذَا ٱلشِّرِّيرُ».‏ لَقَدْ نَزَلَتْ كَلِمَاتُهَا عَلَيْهِمَا نُزُولَ ٱلصَّاعِقَةِ.‏ فَٱسْتَحْوَذَ ٱلرُّعْبُ عَلَى قَلْبِ هَامَانَ.‏ أَمَّا ٱلْمَلِكُ فَٱسْتَشَاطَ غَضَبًا حِينَ أَدْرَكَ أَنَّ مُشِيرَهُ ٱلْمَوْثُوقَ بِهِ خَدَعَهُ وَجَرَّهُ إِلَى تَوْقِيعِ مَرْسُومٍ كَانَ سَيُودِي بِزَوْجَتِهِ ٱلْحَبِيبَةِ.‏ فَخَرَجَ ثَائِرًا إِلَى ٱلْحَدِيقَةِ لِيَسْتَعِيدَ هُدُوءَهُ.‏ —‏ اس ٧:‏​٥-‏٧‏.‏

فَضَحَتْ أَسْتِيرُ بِشَجَاعَةٍ شَرَّ هَامَانَ

٢١ عِنْدَئِذٍ،‏ وَقَعَ هَامَانُ ٱلْخَسِيسُ عِنْدَ قَدَمَيِ ٱلْمَلِكَةِ مُتَذَلِّلًا بَعْدَمَا شُهِّرَ كَذِبُهُ وَكُشِفَتْ مَكِيدَتُهُ.‏ وَعِنْدَمَا عَادَ ٱلْمَلِكُ إِلَى ٱلْغُرْفَةِ وَرَآهُ عَلَى أَرِيكَتِهَا يَتَوَسَّلُ إِلَيْهَا،‏ ثَارَتْ ثَائِرَتُهُ وَٱتَّهَمَهُ بِمُحَاوَلَةِ ٱغْتِصَابِهَا فِي عُقْرِ دَارِهِ.‏ فَكَانَ ٱتِّهَامُهُ هٰذَا بِمَثَابَةِ حُكْمٍ بِٱلْإِعْدَامِ عَلَى هَامَانَ ٱلَّذِي أُخِذَ إِثْرَ ذٰلِكَ مُغَطَّى ٱلْوَجْهِ.‏ بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ أَخْبَرَ أَحَدُ ٱلرَّسْمِيِّينَ ٱلْمَلِكَ عَنِ ٱلْخَشَبَةِ ٱلضَّخْمَةِ ٱلَّتِي أَعَدَّهَا هَامَانُ لِمُرْدَخَايَ.‏ فَمَا كَانَ مِنْ أَحَشْوِيرُوشَ إِلَّا أَنْ أَصْدَرَ أَمْرًا بِتَعْلِيقِ ذَاكَ ٱلرَّجُلِ ٱلشِّرِّيرِ عَلَيْهَا.‏ —‏ اس ٧:‏​٨-‏١٠‏.‏

٢٢ كَيْفَ يُسَاعِدُنَا مِثَالُ أَسْتِيرَ أَلَّا نَسْتَسْلِمَ أَوْ نَفْقِدَ ٱلْأَمَلَ أَوْ نَخْسَرَ إِيمَانَنَا؟‏

٢٢ فِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلْمَلِيءِ بِٱلْمَظَالِمِ،‏ قَدْ نَخَالُ أَنَّ ٱلْعَدْلَ لَنْ يَأْخُذَ مَجْرَاهُ أَبَدًا.‏ فَهَلْ رَاوَدَكَ يَوْمًا هٰذَا ٱلشُّعُورُ؟‏ إِنَّ أَسْتِيرَ لَمْ تَسْتَسْلِمْ قَطُّ،‏ وَلَا فَقَدَتِ ٱلْأَمَلَ،‏ وَلَا خَسِرَتْ ذَرَّةً مِنْ إِيمَانِهَا.‏ فَحِينَ آنَ ٱلْأَوَانُ،‏ جَاهَرَتْ بِٱلْحَقِّ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ وَٱتَّكَلَتْ عَلَى يَهْوَهَ كَيْ يَتَكَفَّلَ بِٱلْبَاقِي.‏ فَلْنَحْذُ جَمِيعُنَا حَذْوَهَا!‏ فَيَهْوَهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ،‏ وَمَا زَالَ قَادِرًا عَلَى إِيقَاعِ ٱلْأَشْرَارِ وَٱلْمُخَادِعِينَ فِي نَفْسِ ٱلْحُفْرَةِ ٱلَّتِي حَفَرُوهَا لِلْآخَرِينَ،‏ تَمَامًا كَمَا فَعَلَ مَعَ هَامَانَ.‏ —‏ اقرإ المزمور ٧:‏​١١-‏١٦‏.‏

شَابَّةٌ غَيْرُ أَنَانِيَّةٍ

٢٣ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ كَافَأَ ٱلْمَلِكُ مُرْدَخَايَ وَأَسْتِيرَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ تَحَقَّقَتِ ٱلنُّبُوَّةُ ٱلَّتِي تَفَوَّهَ بِهَا يَعْقُوبُ عَلَى فِرَاشِ ٱلْمَوْتِ بِشَأْنِ بِنْيَامِينَ؟‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏ نُبُوَّةٌ تَتَحَقَّقُ‏».‏)‏

٢٣ أَخِيرًا،‏ عَرَفَ أَحَشْوِيرُوشُ أَنَّ مُرْدَخَايَ لَيْسَ ٱلرَّجُلَ ٱلْوَلِيَّ ٱلَّذِي حَمَاهُ مِنَ ٱلِٱغْتِيَالِ فَحَسْبُ،‏ بَلْ أَيْضًا وَالِدُ أَسْتِيرَ بِٱلتَّبَنِّي.‏ فَوَلَّاهُ مَنْصِبَ رَئِيسِ ٱلْوُزَرَاءِ ٱلَّذِي كَانَ يَشْغَلُهُ هَامَانُ.‏ وَأَعْطَى بَيْتَ هَامَانَ،‏ بِمَا فِي ذٰلِكَ ثَرْوَتُهُ ٱلطَّائِلَةُ،‏ لِأَسْتِيرَ ٱلَّتِي أَقَامَتْ مُرْدَخَايَ مُشْرِفًا عَلَيْهِ.‏ —‏ اس ٨:‏​١،‏ ٢‏.‏

٢٤،‏ ٢٥ ‏(‏أ)‏ لِمَاذَا لَمْ يَهْدَأْ بَالُ أَسْتِيرَ حَتَّى بَعْدَمَا فُضِحَتْ مَكِيدَةُ هَامَانَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ جَازَفَتْ أَسْتِيرُ بِحَيَاتِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً؟‏

٢٤ بَعْدَمَا أَصْبَحَتْ أَسْتِيرُ وَمُرْدَخَايُ فِي أَمَانٍ،‏ هَلْ زَالَ ٱضْطِرَابُهَا وَقَلَقُهَا؟‏ لَوْ كَانَتْ أَنَانِيَّةً لَهَدَأَ بَالُهَا وَٱرْتَاحَتْ.‏ وَلٰكِنْ فِي تِلْكَ ٱللَّحْظَةِ،‏ كَانَ مَرْسُومُ هَامَانَ ٱلْقَاضِي بِقَتْلِ ٱلْيَهُودِ فِي طَرِيقِهِ إِلَى كُلِّ زَاوِيَةٍ فِي ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلْفَارِسِيَّةِ.‏ فَهٰذَا ٱلشِّرِّيرُ كَانَ قَدْ أَلْقَى ٱلْقُرْعَةَ،‏ أَوِ ٱلْفُورَ ٱلَّتِي هِيَ كَمَا يَتَّضِحُ شَكْلٌ مِنْ أَشْكَالِ ٱلْأَرْوَاحِيَّةِ،‏ كَيْ يُحَدِّدَ ٱلْيَوْمَ ٱلْأَنْسَبَ لِتَنْفِيذِ هُجُومِهِ ٱلْوَحْشِيِّ عَلَى ٱلْيَهُودِ.‏ (‏اس ٩:‏​٢٤-‏٢٦‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّ أَشْهُرًا لَا تَزَالُ تَفْصِلُهُمْ عَنِ ٱلْمَوْعِدِ،‏ إِلَّا أَنَّ ٱلْأَيَّامَ تُوَلِّي بِسُرْعَةٍ.‏ فَهَلْ يُمْكِنُ تَفَادِي ٱلْكَارِثَةِ؟‏

٢٥ مِنْ جَدِيدٍ،‏ أَعْرَبَتْ أَسْتِيرُ عَنْ عَدَمِ ٱلْأَنَانِيَّةِ وَخَاطَرَتْ بِحَيَاتِهَا،‏ فَمَثَلَتْ أَمَامَ ٱلْمَلِكِ دُونَ دَعْوَةٍ مِنْهُ.‏ وَهٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ،‏ بَكَتْ مِنْ أَجْلِ شَعْبِهَا وَتَوَسَّلَتْ إِلَى زَوْجِهَا كَيْ يُلْغِيَ ٱلْمَرْسُومَ ٱلْمُرِيعَ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْقَوَانِينَ ٱلَّتِي تَصْدُرُ بِٱسْمِ ٱلْمَلِكِ ٱلْفَارِسِيِّ لَا يُمْكِنُ إِبْطَالُهَا.‏ (‏دا ٦:‏​١٢،‏ ١٥‏)‏ لِذَا،‏ عَهِدَ أَحَشْوِيرُوشُ إِلَى أَسْتِيرَ وَمُرْدَخَايَ بِسَنِّ قَانُونٍ جَدِيدٍ.‏ فَأُصْدِرَ بَلَاغٌ ثَانٍ يَمْنَحُ ٱلْيَهُودَ حَقَّ ٱلدِّفَاعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ.‏ وَسَارَعَ ٱلسُّعَاةُ عَلَى صَهْوَةِ خُيُولِهِمْ إِلَى كُلِّ أَنْحَاءِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ حَامِلِينَ إِلَيْهِمْ هٰذِهِ ٱلْأَخْبَارَ ٱلسَّارَّةَ.‏ فَأُضْرِمَ ٱلْأَمَلُ مُجَدَّدًا فِي قُلُوبِ كَثِيرِينَ.‏ (‏اس ٨:‏​٣-‏١٦‏)‏ تَخَيَّلِ ٱلْيَهُودَ فِي أَرْجَاءِ هٰذِهِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلشَّاسِعَةِ يَتَسَلَّحُونَ وَيُعِدُّونَ ٱلْعُدَّةَ لِلْحَرْبِ.‏ فَلَوْلَا ٱلْمَرْسُومُ ٱلْجَدِيدُ،‏ لَٱسْتَحَالَ عَلَيْهِمْ فِعْلُ ذٰلِكَ.‏ لٰكِنَّ ٱلْأَهَمَّ:‏ هَلْ يَقِفُ «يَهْوَهُ ٱلْجُنُودِ» إِلَى جَانِبِ شَعْبِهِ؟‏ —‏ ١ صم ١٧:‏٤٥‏.‏

أَرْسَلَ مُرْدَخَايُ وَأَسْتِيرُ بَلَاغًا إِلَى كُلِّ ٱلْيَهُودِ فِي ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلْفَارِسِيَّةِ

٢٦،‏ ٢٧ ‏(‏أ)‏ أَيُّ هَزِيمَةٍ أَنْزَلَهَا شَعْبُ ٱللهِ بِأَعْدَائِهِمْ؟‏ (‏ب)‏ مَا هِيَ ٱلنُّبُوَّةُ ٱلَّتِي تَمَّتْ بِهَلَاكِ أَبْنَاءِ هَامَانَ؟‏

٢٦ عِنْدَمَا حَانَ أَخِيرًا ٱلْيَوْمُ ٱلْمُعَيَّنُ،‏ كَانَ شَعْبُ ٱللهِ عَلَى أَتَمِّ ٱلِٱسْتِعْدَادِ لِلْمُوَاجَهَةِ.‏ حَتَّى إِنَّ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلرَّسْمِيِّينَ ٱلْفُرْسِ ٱصْطَفُّوا إِلَى جَانِبِهِمْ،‏ لِأَنَّ خَبَرَ تَعْيِينِ مُرْدَخَايَ ٱلْيَهُودِيِّ رَئِيسًا جَدِيدًا لِلْوُزَرَاءِ كَانَ قَدِ ٱنْتَشَرَ فِي طُولِ ٱلْبِلَادِ وَعَرْضِهَا.‏ وَقَدْ مَنَحَ يَهْوَهُ شَعْبَهُ نَصْرًا عَظِيمًا.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ زَوَّدَهُمْ بِٱلْحِمَايَةِ،‏ مُلْحِقًا بِأَعْدَائِهِمْ هَزِيمَةً سَاحِقَةً لِئَلَّا يُحَاوِلُوا ٱلِٱنْتِقَامَ مِنْهُمْ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ.‏ * —‏ اس ٩:‏​١-‏٦‏.‏

٢٧ وَبِمَا أَنَّ مُرْدَخَايَ كَانَ سَيَتَعَرَّضُ لِلْخَطَرِ لَوْ أَشْرَفَ عَلَى بَيْتِ هَامَانَ فِيمَا أَبْنَاؤُهُ ٱلْعَشَرَةُ لَا يَزَالُونَ عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ،‏ قُضِيَ عَلَيْهِمْ هُمْ أَيْضًا.‏ (‏اس ٩:‏​٧-‏١٠‏)‏ وَهٰكَذَا تَمَّتْ إِحْدَى نُبُوَّاتِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلَّتِي تَحَدَّثَ فِيهَا ٱللهُ عَنِ ٱلْهَلَاكِ ٱلتَّامِّ لِلْعَمَالِيقِيِّينَ ٱلَّذِينَ كَانُوا مِنْ أَعْدَاءِ شَعْبِهِ ٱلْأَلِدَّاءِ.‏ (‏تث ٢٥:‏​١٧-‏١٩‏)‏ وَيُرَجَّحُ أَنَّ أَبْنَاءَ هَامَانَ كَانُوا بَيْنَ آخِرِ ٱلْبَاقِينَ مِنْ تِلْكَ ٱلْأُمَّةِ ٱلْمُدَانَةِ بِٱلْهَلَاكِ.‏

٢٨،‏ ٢٩ ‏(‏أ)‏ لِمَ شَاءَ يَهْوَهُ أَنْ تَخُوضَ أَسْتِيرُ وَشَعْبُهَا حَرْبًا ضِدَّ أَعْدَائِهِمْ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ مِثَالُ أَسْتِيرَ بَرَكَةٌ لَنَا ٱلْيَوْمَ؟‏

٢٨ لَقَدْ حَمَلَتْ أَسْتِيرُ عَلَى أَكْتَافِهَا حِمْلًا ثَقِيلًا وَهِيَ بَعْدُ فَتِيَّةٌ،‏ مِثْلَ ٱلْمُسَاهَمَةِ فِي إِصْدَارِ مَرَاسِيمَ مَلَكِيَّةٍ تَقْضِي بِٱلْحَرْبِ وَٱلْإِعْدَامِ.‏ وَلَمْ يَكُنْ ذٰلِكَ بِٱلْأَمْرِ ٱلْهَيِّنِ.‏ إِلَّا أَنَّ مَشِيئَةَ يَهْوَهَ ٱسْتَلْزَمَتْ حِمَايَةَ شَعْبِهِ مِنَ ٱلْفَنَاءِ.‏ فَمِنْ أُمَّةِ إِسْرَائِيلَ كَانَ سَيَأْتِي ٱلْمَسِيَّا ٱلْمَوْعُودُ بِهِ،‏ مَصْدَرُ ٱلرَّجَاءِ ٱلْوَحِيدِ لِكُلِّ ٱلْبَشَرِ.‏ (‏تك ٢٢:‏١٨‏)‏ أَمَّا ٱلْيَوْمَ فَٱلْوَضْعُ مُخْتَلِفٌ.‏ فَخُدَّامُ ٱللهِ مَسْرُورُونَ لِأَنَّ ٱلْمَسِيَّا يَسُوعَ حِينَ أَتَى إِلَى ٱلْأَرْضِ حَرَّمَ عَلَى أَتْبَاعِهِ ٱلِٱشْتِرَاكَ فِي ٱلْحُرُوبِ.‏ —‏ مت ٢٦:‏٥٢‏.‏

٢٩ إِلَّا أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ يَخُوضُونَ حَرْبًا مِنْ نَوْعٍ ثَانٍ:‏ حَرْبًا رُوحِيَّةً.‏ فَٱلشَّيْطَانُ يَتُوقُ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى إِلَى كَسْرِ إِيمَانِنَا بِيَهْوَهَ.‏ ‏(‏اقرأ ٢ كورنثوس ١٠:‏​٣،‏ ٤‏.‏‏)‏ فَكَمْ نَحْنُ شَاكِرُونَ لِلهِ عَلَى مِثَالِ أَسْتِيرَ!‏ فَلْنَسِرْ عَلَى خُطَاهَا وَنُظْهِرِ ٱلْإِيمَانَ.‏ كَيْفَ؟‏ حِينَ نَتَحَلَّى بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلصَّبْرِ عِنْدَ إِقْنَاعِ ٱلْآخَرِينَ،‏ نَتَّصِفُ بِٱلشَّجَاعَةِ،‏ وَنَسْعَى بِعَدَمِ أَنَانِيَّةٍ إِلَى تَأْيِيدِ شَعْبِ ٱللهِ.‏

^ ‎الفقرة 26‏ مَنَحَ ٱلْمَلِكُ ٱلْيَهُودَ يَوْمًا ثَانِيًا لِيَتَغَلَّبُوا نِهَائِيًّا عَلَى خُصُومِهِمْ.‏ (‏اس ٩:‏​١٢-‏١٤‏)‏ وَلَا يَزَالُ ٱلْيَهُودُ حَتَّى ٱلْآنَ يُحْيُونَ ذِكْرَى هٰذَا ٱلنَّصْرِ كُلَّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ أَذَارَ ٱلَّذِي يُقَابِلُ فِي تَقْوِيمِنَا نِهَايَةَ شُبَاطَ (‏فِبْرَايِر)‏ وَأَوَائِلَ آذَارَ (‏مَارِس)‏.‏ وَيُدْعَى هٰذَا ٱلِٱحْتِفَالُ عِيدَ ٱلْفُورِيمِ نِسْبَةً إِلَى ٱلْفُورِ،‏ أَيِ ٱلْقُرْعَةِ ٱلَّتِي أَلْقَاهَا هَامَانُ سَعْيًا إِلَى إِهْلَاكِ إِسْرَائِيلَ.‏